"استثمار فاسد شرعًا وقانونًا".. الأطفال سلعة مسروقة بين التجارة والإرهاب
"ابتسامتهم شمسًا تشرق الكون، حديثهم ترف يسعد القلوب، تصرفاتهم حكمة لعقولنا"، إنهم الأطفال – أجيال المستقبل.. عمار وأمل لغد أفضل، يمثلون أثمن استثمار يمكن أن نعدو به من أي أزمات ويكون ربحًا هادفًا لإصلاح أمم.
حقوق الأطفال وسوء النفوس
الأطفال الذي وجب علينا إعطائهم حقوق التربية الجيدة وفقًا لما ألزمت به الأديان، كمثل اختيار أم صالحة لهم وبيئة مجتمعية جيدة وتربية وتعليم أخلاقي متزن، يعانون في مجتمعاتنا بالكثير من الأزمات الأخلاقية لدى البعض، فيحاطون بقلوب قاسية وأيادي طاغية ونفوس مريضة مظلمة، حتى وصل الأمر لكونهم سلعة تباع وتشترى بل وتسرق أيضًا.
الأطفال سلعة بين العرض والطلب
نتذكر جيدًا الحالات المتكررة لبعض الأشخاص الذين حملوا لافتات على أيديهم، مدون عليها عبارات يطالبون من خلالها بإيجاد مشتري لأبنائهم بغرض الإنفاق عليهم، فضلًا عن ظهور الإعلامية بسمة وهبة بطفلة على الهواء تطلب أمها أن تبيعها بسبب ظروفها المعيشية الصعبة.
كل تلك الأمور التي أثارت الضجة والجدل، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعت المستخدمون لمهاجمة هؤلاء الأهلي واصفين قلوبهم بالمنزوعة من الرحمة والخلق، وكذلك أثار الأمر علماء الدين، وهو ما دفعهم للفتوى بتحريم ذلك الأمر وتجريمه.
ربما يظن البعض، أن هناك بائعين للأطفال بالفعل ولكن لن يجدوا من مشترين، وهو الأمر غير الصحيح، فمثلما هناك أشخاصًا يرمون بعطية الله، هناك أيضًا أشخاصًا حرمهم الله من الأطفال، يتمنون أن يكون لديهم أبنًا فيفكرون أولًا بالشراء من أصحاب النفوس الضعيفة.
تجارة الأطفال علنية بسوق الاستثمار الحديث
الغريب في الأمر، أن تجارة الأطفال أضحت شائعة وعلنية عبر مواقع الشبكة الاجتماعية سواء وسائل التواصل الاجتماعي أو حتى مواقع الأسواق عبر الإنترنت، فلا يُنسى أبدًا صور الأطفال المنتشرة المعروضة للبيع على الـ"فيس بوك"، وكما هناك عروض للبيع على شبكة الإنترنت، كذلك أيضًا يوجد عروض للشراء، فقد انتشر مؤخرًا إعلان لسيدة على أحد مواقع الأسواق تطلب فيه طفلًا للتبني.
ذلك الإعلان قوبل بالردود التي تقدم عروضًا وتتيح أرقام هاتفية للتواصل، وكأن تجارة الأطفال أضحت استثمارًا مشروعًا، بل ووصل الأمر لتداول الأسعار على الموقع، حيث بدأ سعر الطفل الواحد من 10000 ألاف جنيه وصولًا إلى 50 ألف جنيه، وتختلف الأسعار وفقًا للون البشرة والعيون والشعر وملامح الطفل.
الأمن ملاحقًا رغم براعة المتجارين
أكد مصدر أمني، أن وزارة الداخلية تعمل بقدم وساق على تتبع عصابات خطف وتجارة الأطفال، مشيرًا إلى أنه تم رصد العديد من عصابات خطف الأطفال التي تتاجر بهم وتم القبض عليهم وإحالتهم لأجهزة التحقيق.
ويشير المصدر، إلى أن تلك العصابات غالبًا ما تستخدم حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وغير للتحكم في تجارتها دون أن تكشف عن هويتها، منوهًا إلى أنه رغم ذلك تتمكن أجهزة التتبع بالوزارة بالتعاون مع المباحث من ضبط تلك العصابات سواء من خلال استخدام التقنيات الحديثة أو ترتيب ملابسات للجريمة.
المشرعون ينتفضون للتغليظ
يشار إلى أن مجلس النواب، أقر سابقًا تعديل المادة 289 من قانون العقوبات الواردة بمشروع قانون مقدم من الحكومة لتعديل قانون العقوبات، والتى تقضى بعقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لمن يخطف طفلا إذا اقترنت جريمة الخطف بمواقعة المخطوف أو هتك عرضه، حيث جاء نص المادة كالتالي: "كل من خطف من غير تحايل ولا إكراه طفلًا يعاقب بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشرة سنوات، أما إذا كان الخطف مصحوباً بطلب فدية فتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن خمسة عشر سنة ولا تزيد على عشرين سنة، ومع ذلك يُحكم على فاعل جناية الخطف بالإعدام أو السجن المؤبد إذا اقترنت بها جريمة مواقعة المخطوف أو هتك عرضه".
"رق" الأطفال من التاريخ القديم إلى "السوشيال ميديا"
يقول اللواء رفعت عبد الحميد استاذ العلوم الجنائية، إن خطف الأطفال والتجارة بها أمرًا مرفوض وحرمته الأديان ومنعته القوانين وهو يعتبر كتجارة "الرق" التي حرمها الله عز وجل، لافتًا إلى أنه رغم تغليظ العقوبة إلا أنها لا تتناسب مع حجم الجرم.
وأشار رفعت عبد الحميد، إلى أن القانون ينص على عقوبة الخاطف والمشتري والبائع، مطالبًا بمحاسبة مواقع الإنترنت التي تسمح للمعلنين عن تجارة الأطفال.
ويضيف استاذ العلوم الجنائية، إن تلك الجريمة بدأت منذ انتهاء عصر ولادة "الداية"، منوهًا إلى أن تلك الجرائم تقوم بها بعض المستشفيات، حيث يقومون بخطف الأطفال وإدعاء وفاتهم وكذلك استبدالهم بأخرين لصالح البعض.
نتائج التجارة الفاسقة بين اختلاط الأنساب والإرهاب
وأكد، أن تلك التجارة تعتبر واحدة من الأخطار التي تهدد الأمن القومي، حيث تقوم بعض التنظيمات الإرهابية بشراء الأطفال المخطوفين بغرض تشغيلهم كمرتزقة وإرهابيين وتعليمهم الحقد والكره.
وشدد، على ضرورة تغليظ العقوبة على المجرمين المدانين بالاختطاف وكذلك الوسطاء والمشتريين لتصل الأحكام الجنائية لحد الإعدام ولا تقل عن هذا، حتى وإن أحسنوا تربية الأطفال وإقامتهم، مشيرًا إلى أن هذا الأمر قد يسبب جرائم إرهابية أو اختلاط انساب وهو ما يعد محرمًا دينيًا.