هشام جنينة.. سيادة «المدعو» ونهج الإخوان!
فجأة تكهرب الجو. اشتعلت الأوضاع رأسًا على عقب. الجالسون في المدرجات، وأمام شاشات الفضائيات، والمستمعون لشبكات الإذاعة، والقارئون للصحف يترقبون ما سيحدث لـ«المدعو» هشام جنينة، بعد أن انتقل الوضع من «الإحماء والتسخين» و«جس النبض» إلى ساحات النيابة والقضاء.
في حديث «متلفز» قال المستشار هشام جنينة- الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات- كلامًا خطيرًا، بل إن شئنا الدقة وجه «اتهامات خطيرة».. ولأنه «رجل قانون»، وترأس واحدًا من أكبر الأجهزة السيادية في الدولة، فكان المفترض أن يكون حديثه موزونًا بميزان الذهب، ويدرك خطورة ما يقول، وعواقب اتهاماته للآخرين، دون أن يمتلك دليلًا دامغًا يؤكد صدقيته.
لا أنكر عدم تصديقي لـ«الهراء» الذي قاله «جنينة» في لقائه المصور؛ فالرجل له سوابق عدة في الكلام «المرسل»، فضلًا عن أنني أشعر وأنه لا يخاطب الشعب المصري، بل يخاطب جهات وأشخاص لا علاقة لهم بمصر والمصريين..
لماذا؟
لأن «المدعو» غير أمين. نعم، غير أمين، ولا أريد أن أقول إنه «خائن»، لماذا أيضًا؟ لأن «المذكور» لو كان يعلم أن الفريق «المستدعى» سامي عنان- رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق- يحتفظ بـ«وثائق وأدلة» تدين الدولة وقياداتها، منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن، دون إبلاغ الجهات المعنية بها، فهو «شيطان أخرس»؛ لأنه سكت عن الجهر بالحق!
«المذكور» أعلى مصلحته الشخصية على مصلحة «الوطن»، وفضل الاحتفاظ ببعض «الكروت» التي ظن أنها ستخدم أهدافه، دون أن يأخذ في اعتباره مصارحة الشعب بكل الحقائق التي يعلمها، وكان بإمكانه أن يعلن عن ذلك في فيديو متلفز.. فلماذا لم يفعل؟!
والمفاجأة، أن «سمير» نجل الفريق سامي عنان، اتهم جنينة بنسب معلومات كاذبة إلى والده، مؤكداً أن تصريحات «المذكور» تخدم مصالح أعداء مصر!
كما أكد «ناصر أمين»- بصفته محامي سامي عنان- أن كل ما جاء من تصريحات لـ«جنينة» لا تمت للواقع بصلة، وأنه سيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من أدلى أو يدلي بأي تصريحات ينسب فيها أي أقوال أو أفعال لـ«عنان» تؤدي إلى المساس بموقفه القانوني وتعرضه لخطر المساءلة. مشددًا على أن أي تصريحات لم تصدر من «عنان» شخصياً «لا تعبر عنه بأي حال من الأحوال».
فإذا ما أخذنا في الاعتبار نفي نجل عنان ومحاميه؛ فإننا سنكون أمام شخص لا يهدف من تصريحاته إلا أمرين لا ثالث لهما:
الأول: إثارة الشكوك حول قيادات الدولة ومؤسساتها، في وقت تخوض فيه القوات المسلحة والشرطة حربًا شرسة لاجتثاث جذور الإرهاب في سيناء.
والثاني: «فرد عضلاته» على الدولة ومساومة مسؤوليها؛ فإما أن يتركوه لحال سبيله ويقول ماذا يريد في داخليًا وخارجيًا، دون أن يعترضه أحد.. وفي هذه الحالة سيجد مَنْ يصدقونه، ولسان حالهم يقول: لو كان جنينة كاذبًا، فلماذا تتركه الدولة...؟
فإذا ما أُلقي القبض على «المدعو»، فسيجد مَنْ يتهم الدولة بـ«قمعه»، أو أنها «خائفة» منه، و«مرعوبة» من «الوثائق» التي تحت يديه.. إلخ !
ما أطمئن إليه، أن «جنينة» كان يريد استباق الأحداث، ويضع مؤسسات الدولة في «مأزق كبير»، تمامًا مثلما استبق الإخوان نتائج الانتخابات الرئاسية في 2012، وأعلنوا- أمام وسائل الإعلام العالمية والمحلية- فوز مرشحهم «محمد مرسي» في جولة الإعادة أمام منافسه «أحمد شفيق»، دون انتظار إعلان النتيجة النهائية من قِبل اللجنة العليا للانتخابات.
المدعو جنينة ليس رجلًا جاهلًا، فهو- كما ذكرنا- رجل قانون، وكان- وهو يسجل الفيديو- يدرك جيدًا ماذا يفعل؟ ومَنْ يُخاطب؟ وما الأوراق التي سيلعب بها مع الدولة؛ ظنًا منه أن أحدًا لن يجرؤ على الاقتراب منه، والتعامل معه بـ«قوة القانون» الذي ضرب به عرض الحائط!
لن نستبق النتائج، ولن نقفز على الأحداث.. فالمدعو جنينة يخضع- الآن- للتحقيقات؛ فإما أن يقدم ما يثبت صدق تصريحاته، وإما أن يواجه المصير الذي ارتضاه لنفسه؟!