"المساقون إلى اللهب" تقرير يفضح أسانيد "داعش" لتبرير جرائمهم الإرهابية
تبرر الجماعات الإرهابية أعمالها الإجرامية بأسانيد واهية وزائفة، ودعاوى باطلة وغير صحيحة، وذلك بهدف السيطرة والإرهاب والإجرام، لتكون ستارا لأعمالهم الاجرامية، فنجدهم عقب كل حادثة إرهابية يختلقون أكاذيب وادعائات على النبي وصحبه الكرام رضي الله عنهم، يرمون من خلالها تبرير تلك الجريمة، وخلال التقرير التالي نرصد كيف تبرر داعش والجماعات الإرهابية الأخرى أعمالهم الإجرامية من خلال تقرير مرصد الأزهر الذي يفضح تلك الجماعات.
حيث يكشف مرصد الأزهر الشريف لمكافحة التطرف، حقيقة أسانيد تلك الجماعات الإرهابية التي يزعمون بأنها تستند إلى أدلة صحيحة وشرعية مستمدة من الكتاب والسنة، متخذا الإرهابي الليبي الذي شارك في قتل ضباط وجنود الشرطة المصرية في الواحات "عبد الرحيم المسماري"، والذي تم إلقاء القبض عليه من جانب سلطات الأمن، كنموذج بعد الإدعاءات التي ساقها لتبرير قتله جنودنا في الواحات، وذلك في تقرير بعنوان "المساقون إلى اللهب".
وقال المرصد بأن استنادات الجماعات المتطرفة والإرهابية لتبريرها عمليات القتل والتفجير التي تقوم بها واهية، ويؤكد على ضيق أفقهم وعدم فهمهم رحابة الدين، مشيرا إلى حديث الإرهابي الذي جاء ترجمة لواقع إرهابي إجرامي، وجد في انسياقه الأعمى لجماعات الضلال والتكفير، وفي اعتناقه للفكر الجهادي المغلوط تفريغًا لدوافعه الإجرامية المكبوتة، بقتل الأبرياء وإراقة الدماء تحت اسم الجهاد الأكبر.
واشار المرصد إلى ان إدعاءات الإرهابي تدل على انه لايعلم شيئا عن عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم التي تحدث فيها بل علم، والذي استشهد به لتسويغ جرمه؛ فهو بايع شيخه بيعةً عمياء على السمع والطاعة، تلك البيعة التي تعلَّم عبد الرحيم من بنودها أن قتل الضباط والجنود المُكلفين بحماية البلاد وأمنها دفعٌ للصائل، متجاهلًا أنه هو نفسه الصائل المعتدي، الذي توارى في الصحراء شهورًا، وأعد العدة من أجل الغدر وسفك الدماء الزكية.
وتابع المرصد قائلا: أن تلك البيعة التي بايعها الإرهابي لشيخه الإرهابي هي نفس البيعة التي صورت له أن الجهاد فرض عين وهو في الأصل فرض كفاية، أسقطه عنا وجود الجيوش التي تحمي الحدود والأوطان ووجود رجال الأمن في كل ربوع الوطن.
وشدد المرصد على أن الإرهابي الليبي لم يع الفرق بين القتال والقتل واختزل الجهاد في القتل الذي هو استباحة دماء الأبرياء، ولم يلتفت إلى قول الحق تبارك وتعالى: " مِنْ أَجْلِ ذَ?لِكَ كَتَبْنَا عَلَى? بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، وقوله أيضا:"وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا".
ونوه المرصد بأن الإرهابيين أحَلوا ما حرَّم الله ونصَّبوا أنفسهم أوليًاء وحكامًا وقضاة وجلادًين، فتجردوا من إنسانيتهم ليرتدو قناعًا أسموه شرع الله والشرع منهم براء.
ونبه الأزهر إلى أن الإرهابيين لقد افتروا بعلمهم الجديد على نبي الرحمة ورموه بأنه قتل أعمامه الأربعة وهو صلى الله عليه وسلم من ذلك براء، فمسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل أعمامه لم ترد في أية رواية حتى ولو ضعيفة؛ لم يقتل النبي أحدًا من أعمامه الأربعة، ولم يعتد النبي صلى الله عليه وسلم بالقتل على مخالفيه أبدًا، بل كانت حروبه كلها دفاعية لرد العدوان ودفع الظلم.
واستشهد المرصد في تقريره بما قاله شيخ الأزهر بأن الإرهاب "ليس إفرازًا للدين الإسلامي الحنيف، بل هو مرض فكري ونفسي، يبحث دائمًا عن مسوغات وجوده في متشابهات نصوص الدين وتأويل المؤولين ونظرات المفسرين، فالدين والعنف نقيضان لا يجتمعان أبدا ولا يستقيمان في ذهن عاقل، والجماعات الدينية المسلحة التي ترفع لافتة الدين هي خائنة لدينها ووطنها قبل أن تكون خائنة لنفسها."
فلم يكن الإرهاب قادرًا على شن حروب لا مُتماثلة بين قوات نظامية حكومية وميليشيات إرهابية غير نظامية إلا من خلال تجنيد الشباب وفصلهم عن الفضاء العام وخلق مسرح لهم يمارسون عليه العنف ضد أهم حق من حقوق الإنسان وهو الحق في الحياة.
وقد استطاعت تلك التنظيمات الإرهابية أن تقتات من الظروف التي أنتجتها العولمة وحالات التوتر والصراعات الأهلية الدينية والسياسية. لا تتكلف الرحلة إلى عقول هؤلاء المجندين عنتًا كبيرًا، فيكفي من يريد ترويض أمثال هؤلاء أن يتودد إليهم مواسيًا أو مهنئًا أو مهاديًا، حتى يأنسوا إليه؛ ليبلغ مبلغه في اصطيادهم وبلبلة أفكارهم وزعزعة إيمانهم تدريجيًا، ليغرس بسهولة عقيدته الجديدة الدامية، وليقنع فريسته بأنه دون غيره قد بلغه الحق، الذي سيجعل منه استثناءً وسط قطيع ضل الطريق ولا سبيل لصلاحه إلا بالقضاء عليه.
ويساعد على ذلك أن العقول خاوية متعطشة لفكرة تبرر النهاية المأساوية، وتواري العجز عن المواجهة والصمود من أجل الحياة. ثم تأتي المرحلة الأخيرة في الرحلة وهي أخذ العهد والبيعة والاحتفاء به لانفصاله عن مجتمعه الأصلي وانصياعه لعقيدة الانتقام والثأر دون أن تبصر أو تفكر.
وبهذا يتضح أنه لا يولد أحد على فطرته إرهابي، لكنه يكتسب السلوك الإرهابي والانحرافي من خلال التربية والتعليم والتقليد الأعمى، يكتسبه من خلال مجموعة من العوامل المتشابكة التى تشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والقدرات العقلية والخبرات المكتسبة، والحالة المزاجية والانفعالية، التي تخرجه عن الفطرة السليمة المألوفة للنفس البشرية، لينخرط بين صفوف المتهورين والمندفعين الذين لا يراعون حرمة ولا يكترثون بمشاعر الآخرين وحقوقهم.
وحلل المرصد نفسية الإرهابيين بأنها تعيش في صراع بين "أنا" و "هو"، فهو صراع تفشل فيه الأنا عن تحقيق مساعيها وغاياتها بسلوك متزن وبتكيف لائق مع البيئة والظروف، لتنحرف بدوافع مكبوته للإجرام ولتعزيز أفكار الموت والتدمير والقتل.
كما استدل المرصد بمقولة المهاتما غاندي بأن "الإرهاب هو سلاح الضعفاء وليس سلاح الأقوياء"، لأن الضعيف هو من عجز عن تعزيز غريزة الحياة بالنظرة الإيجابية لها والقدرة على التكيف والتطور، وهو من عجز أيضًا عن مواجهة الحقيقة واستسلم للإحباط ولم ينتصر لفطرته السوية.
وأنهى المرصد تقريره بأن عبد الرحيم وأمثاله من الارهابيين هم نتاج لمعتقدات وهمية تلقوها من شخصيات دينية واجتماعية لها تأثير عليهم، قَوِيت تلك المعتقدات مع الزمن لتصبح حقائق مسلَّمًا بها لا تقبل جدالًا ولا نقاشًا، وهي التي تؤجِّج النزعة للضغينة والحقد والعداء؛ يستخدمون تلك المعتقدات سلاحَ حرب في معركتهم لفرض وجهة نظرهم المتطرفة والانتقام من المخالف والانفجار في وجه المجتمع الذي يرفضونه ويحملونه سبب فشلهم واضطهادهم؛ هم يساقون إلى دوائر اللهب لإعدام كل مظاهر الحياة؛ لأنهم عجزوا عن استيعابها والتكيُّف معها وآثروا عليها العزلة والدمار والموت.
اقرأ أيضا
"5 سنوات سجن".. تعرف على عقوبة الترويج لمقاطعة الانتخابات الرئاسية