التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 04:56 م , بتوقيت القاهرة

وهم التنافس الانتخابي

منذ العام 2005 بدأ المصريون ينتخبون رئيس الجمهورية، وهو إجراء بديل عن الاستفتاءات التى كانت متبعة منذ إعلان دستور 1971، وبعد خروج المرشحين المحتملين لانتخابات الرئاسة خالد علي وسامي عنان من سباق الانتخابات الرئاسية لأسباب تنظيمية وقانونية، بدأ يظهر رأى لدى البعض من مؤيديهم أن انتخابات الرئاسة أصبحت فى موقف محرج أمام الراى العام العالمي وإنها قد تحولت إلى إجراء روتيني غير ضروري نظرا لإنعدام المنافسة، المؤكد أن المنافسة بالفعل تعد هي والعدم سواء نظرا للفارق الكبير والشاسع بين ما قدمه الرئيس عبدالفتاح السيسي والمرشحين المحتملين، ولعل السنوات الماضية كانت مليئة بالأحداث الإنتخابية والصراعات السياسية والمؤامرات، ومحاولات التلاعب بعقول البسطاء وشحن المواطنين سياسيا مع كل أزمة يمكن أن يتم إستغلالها سياسيا في محاولة من البعض لطمس ما تم تحقيقه على أرض الواقع من إنجازات في ظل ظروف غاية في الصعوبة.


والواقع أن المواطن العادي البعيد عن النخب السياسية الحنجورية كان أكثر اطمئنانا وهدوءا ولم يكن قلقا من ترشح أي شخص في انتخابات الرئاسة المصرية ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي كما أن المواطن العادي لم ينصاع للانطباعات التى يصدرها الإعلام عن مدى حظوظ أى مرشح للمنافسة، ففى البداية والنهاية فإن هذا الشعب قد شهد فى السنوات الأخيرة كافة أنواع الصراعات السياسية وشارك فى أكثر من استحقاق انتخابي والتي ساهمت بدرجة كبيرة فى نضجه السياسي وأصبح أكثر حكمة وقدرة على تقييم الأمور بشكل عقلاني حتى مع تحمله لظروف إستثنائية صعبة والتي كانت الاقتصادية منها بالغة التأثير.


الواضح أن أحدا لم يحاول التفكير أو أن يتطرق إلى أن أحد السيناريوهات المحتملة التى يجب أن تكون درستها حملة الرئيس ووضعت تصورات وخطط للتعامل معها هو عدم وجود مرشحين مؤثرين، وهو الأمر الذى أشك أن يكون المرشحين المنسحب أو المستبعد قد قاما به.


وفي رأيي أن حالة عدم النضج السياسي التي يحاول البعض تصديرها للمجتمع قد انحسرت في إدارة الحملتين للمرشحين المحتملين، ويكفي ما اقترفوه من أخطاء سياسية وتنظيمية بشعة داخل حملاتهم.


إن مجرد متابعة إدارة الحملات تحديدا تكشف لنا لأى درجة لم يكن المرشحين المحتملين على مستوى قرار خوض الإنتخابات الرئاسية بجدية، فهل يعقل أن رئيس أركان سابق لدولة بحجم جمهورية مصر العربية، لم يراجع موقفه القانون جيدا قبل بدئه فى جولة مفاوضات مع اطراف داخلية وخارجية ليكونوا حلفائه فى خوض هذه الإنتخابات مع إقراره بمعرفة أن هناك معوقات قانونية تحيل بينه وبين الترشح، هل يعقل أن المرشح الذي يملاء الدنيا صراخا بأنه قد خرج من رحم اليسار المصرى لم يستطيع أن يجمع من قوى اليسار فى الدولة المصرية خمسة وعشرون ألف مواطن، والحقيقة أن المرشح المنسحب والذى قرر منذ عام تقريبا تعليق العمل بمركزه الحقوقى الذى يرأسه في إطار التحضيرات لخوض الإنتخابات الرئاسية لم يستطيع فريقه الأساسي الذى استقر عليه منذ عام تقريبا، التنسيق مع باقى قوى اليسار ولم يستطع الحصول على توافق من بين كل قوى اليسار، فبعض قوى اليسار كان غير مقتنع بالمشاركة فى الإنتخابات الرئاسية، وكانوا يمارسون ضغوطا عليه للإنسحاب من الإنتخابات وإصدار بيان إحتجاجي بهدف الإحراج والتشكيك فى شرعية الإنتخابات الرئاسية، وهى بالطبع وجهة نظر قاصرة وشديد السذاجة السياسية وللأسف كاشفه الى أى درجة أن تيار اليسار ليس ناضجا بما فيه الكفاية لخوض معركة إنتخابية حقيقة على هذا المستوى. أما التذرع بوجود ثمة تحفظات حقيقية على الإجراءات المنظمة للإنتخابات، فكان من حقه أن يلجأ للقضاء ويطالب بوقف الإجراءات أو إلزام الهيئة الوطنية للإنتخابات بتعديل الإجراء الذى يراه مخالف للقانون والدستور بما لديه من الخبرة الكافية. إلا أنه كان يرغب فى تقديم نفسه كشهيد وضحية.


إن وعى الشعب المصرى أو على الأقل بعض الفئات والشرائح الاجتماعية فى المجتمع المصرى يزداد كل يوم خبرة وأصبح لديه وعى سياسى مرتفع بما فيه الكفاية للحكم على الأمور بشكل صحيح وسليم، وأنه قادر على تقييم الإجراءات المتبعة وتقييمها بشكل كامل وناضج بما يسمح بأن لا ينخدع من من يحاولوا الإيهام ببطولاتهم الزائفة.