راعي السلام وغازي البلاد.. تركيا ذات الوجهين في سوريا
من البداية كان الدور التركي في سوريا واضحا "دعم المعارضة في مواجهة رئيس البلاد بشار الأسد"، ولكن مع الوقت حاولت تركيا إظهار نفسها في صورة الراعي لعملية السلام من خلال مفاوضات تمت برعاية روسيا والأمم المتحدة، وكأنها بذلك تخلت عن تصرفاتها العدوانية، إلا أن عملية "غصن الزيتون" تكشف العكس تماما.
مؤتمرات بأقنعة تجميل
مع تفجر الحرب في سوريا كان لتركيا تصريح واحد لا تراجع عنه هو "رحيل بشار الأسد"، وعملت على تدعيم جماعات المعارضة المختلفة، ورتبت لتحالفات لتوسيع نفوذ "الجيش الحر" الذراع المفضل لتركيا في سوريا والذي يتكون من عناصر إخوانية.
ولذا بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن أنقرة نظرت بغضب لقرار الإدارة الأمريكية في 2016 بإيقاف دعم جماعات المعارضة التي كانت تسميها بـ"المعتدلة"، وحولت واشنطن تركيزها لدعم الفصائل الكردية، منها "وحدات حماية الشعب الكردية" المرتبطة بحزب العمال الكردستاني، ولتأكيد الدعم الأمريكي للأكراد أعلنت واشنطن أن اسم "قوات سوريا الديموقراطية" كان الاسم الذي اختارته واشنطن مع حلفائها الأكراد حتى يبدو وكأن المليشيات الكردية انفصلت عن حزب العمال الكردستاني فلا يكون بذلك حرج لكون الحزب يعد تنظيما إرهابيا في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولذا بدأ التقارب التركي الروسي الإيراني، وفي نفس الوقت تصاعد التوتر مع أمريكا.. حيث شاركت تركيا في محادثات أستانا في كازاخستان ووضعت نفسها ضمن الدول الراعية الثلاثة "روسيا وإيران وتركيا"، بدون مشاركة أمريكا.
وبعدها شاركت أيضا في محادثات سوتشي، وحتى اللهجة العدائية المطالبة بالرحيل الفوري لبشار الأسد تغير وأصبحت بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أمس "إن على الرئيس السوري بشار الأسد الرحيل عن السلطة في وقت ما".
التوغل العسكري
ولكن لا تجعل أجواء المؤتمرات والمحادثات تخدعك فالأفعال أهم من الأقوال وتركيا نفذت عمليات عسكرية ضد سوريا 3 مرات منذ 2015 وفي كل مرة كانت تعلن أن الهدف هو ضرب المسحلين الإرهابيين وتأمين الحدود التركية الجنوبية.. ولكن بينما تصر أنقرة على أنها لا تريد الاستيلاء على أراض دولة أخرى يظهر فيديو رفع العلم التركي على جبل دارمك في عفرين السورية.
وإذا كانت الحكومة التركية تصر على تأمين حدودها فلماذا تمد نفوذها حتى إدلب التي تعد أكبر معاقل الجيش الحر المتبقية في سوريا مع تقدم القوات الحكومية السورية في باقي المحافظات (علما بأن المعارك جارية في إدلب حاليا ضد تنظيم القاعدة).
كذلك أعلنت تركيا أيضا عن توسيع عملياتها في سوريا لتشمل ليست عفرين فقط بل مدينة منبج -تحت السيطرة الكردية منذ تحريرها من تنظيم داعش- ولكن مطار منبج العسكري تحت السيطرة الحكومية السورية مع روسيا، فهل يعني ذلك أن تركيا قد تمهد في مرحلة مقبلة لهجوم على الجيش السوري نفسه بشكل مباشر.
اقرأ أيضا
"بارين كوباني".. هنا فضائح جرائم العملية التركية في عفرين