اقترن اسمه بالمشاحنات والمصادمات أكثر مما اقترن بالألحان والأغاني، رغم انه وأحد من أعضاء نادي الألف لحن، إلا أن ظهوره على الساحة دائما يكون بعيدا عن استديوهات التسجيل وحفلات الفن، توقع له عبد الوهاب مستقبل فني مبهر، وطالبته أم كلثوم أن يلحن لها، وعلى الرغم من ذلك فإن اسم الموسيقار حلمي بكر يتردد دائما مع المشاكل والتصريحات النارية، والتي يبدوا أنها اخفت وراءها تاريخا موسيقيا كبير، أصبح شبه سري لموسيقار المشاكل.

استقالة بالعافية

ولد في 6 ديسمبر عام 1937، والده كان يهوى الموسيقى وكان يعزف على أله الناي ولكن كهاوي، تعلق بكر بالموسيقى من صغره مثل بقية اشقاءه، حيث عملت شقيقته مدرسة لمادة التربية الموسيقي بينما امتلك شقيقه شركة انتاج موسيقي في إحدى دول الخليج.

التحق بكر بالمعهد العالي للموسيقي العربية بجوار دراسته بكلية التجارة، تخرج بكر من المعهد بتقدير جيد جدا بينما تخرج من كليه التجارة بتقدير مقبول ليتم تعينه بعد ذلك مدرسا لمادة الموسيقى بوزارة التربية والتعليم، ولكن بكر الذي كان يرى ان طريقه بعيدا عن الوظيفة تماما قدم استقالته من الوظيفة، ولكن مدير المدرسة رفض قبولها.

بعد رفض مدير المدرسة استقالة حلمي بكر، حدثت العديد من المشادات والمشاكل بينه وبين مدير المدرسة انتهت بأن قام بكر بالتعدي على مدير المدرسة بالضرب، لتتم قبول استقالته أخيرا، ومن الوظيفة ينتقل حلمي بكر لأداء الخدمة العسكرية في القوات المسلحة.

في أحد الأيام وبعدما عرف عن حلمي بكر حبه ودراسته للموسيقي تقيم القوات المسلحة حفل غنائي للجنود تحيه الفنانة وردة والتي تتعرف على حلمي بكر الذي كان جنديا وقتها، لتطلب له أجازه من الجيش وتأخذه لتقدمه لمحمد حسن الشجاعي مدير الإذاعة المصرية وقتها ليقدم له أول كلمات يلحنها وكانت بعنوان " كل عام وأنتم بخير" ليعجب الشجاعي باللحن ويقدم الاغنية للفنان عبد اللطيف التلباني لتنجح أولى أغنيات حلمي بكر.

بعدها يقوم حلمي بكر بتقديم ثاني اغنياته وهي اغنية لا يا عيوني للمطرب ماهر العطار، ولكن شهادة ميلاد بكر الحقيقة حينما أعاد ليلى مراد للغناء بعد اعتزال دام سنوات.

اللحن خدعة..

أعطاه الشجاعي كلمات أغنية " ما تهجرنيش وخليني لحبك أعيش" وبعدما أنتهى من تلحينها، قال للشجاعي أنه يري الصوت المناسب لهذه الأغنية هو صوت السيدة ليلى مراد، فتعجب الشجاعي خاصة أن ليلى مراد كانت قد اعتزلت الغناء منذ سنوات، ووعده إذا أعاد ليلى مراد للغناء فإنه سيعطيه 50 جنية أجر تلحينه للأغنية، وهو الأجر الذي كان يتقاضاه محمد عبد الوهاب ورياض السنباطي من الإذاعة المصرية وقتها.

وبالفعل بواسطة كمال الطويل يلتقي حلمي بكر بالسيدة ليلى مراد، ويقدم لها اللحن تحت ذريعة أنه يريد رأيها في اللحن وفي صوته، ويبدأ في ترديده أمامها حتى تحفظه، وبعد العديد من اللقاءات يطلب منها ان تأتي بصحبته للأستديو لتشجعه على الغناء وتسجيل اللحن، وبالفعل تذهب معه واثناء التسجيل أدعى حلمي بكر نسيان الكلمات واللحن والارتباك فتنهض ليلى مراد لتغني اللحن امام الميكروفون مع الفرقة الموسيقية لتشجيعه دون ان تدري أن مهندس الصوت يقوم بتسجيل الاغنية.

وبعدها تفاجئ ليلى مراد بالأغنية تذاع عشرات المرات في الإذاعة بصوتها، ولكن اين ذهب حلمي بكر؟ هرب من ليلى مراد لتحاشي غضبها وخوفا منها، إلا أنها اتصلت بمحمد حسن الشجاعي وهي تبكي من شدة الفرح لأنها لم تتوقع ان تعود للغناء وان يستقبلها الجمهور بهذا الترحيب.

الرجل الذي أغلق الهاتف في وجه "الست"

بعدها كان الطريق أمام حلمي بكر ممهدا ليصبح واحدا من أهم ملحنين جيله، وبالفعل قدم بكر العديد من الألحان لأصوات مثل عبد الحليم حافظ، وردة وفايزة أحمد ونجاة، وكان صديقا مقربا من الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب والموسيقار رياض السنباطي.

وفي إحدى الأيام في بدايات السبعينات فاجأه الموسيقار رياض السنباطي بان السيدة أم كلثوم تريد منه أن يلحن لها اغنية من كلمات الشاعر عبد الوهاب محمد، ولكن بكر لا يصدق ما يقال، فجلس في منزله حتى جاءه الشاعر عبد الوهاب محمد ليحدث السيدة أم كلثوم من منزله ولكن بكر يعتقد ان في الامر خدعه فيغلق الهاتف في وجه أم كلثوم، فيتصل بها عبد الوهاب محمد مرة ثانية ويعتذر لها ويحدثها حلمي بكر فتداعبه وتقول " أوعى تكون ألحانك زي أخلاقك" ليلتقي بها بعد ذلك ويبدأ في تلحين أغنية " ما عندكش فكرة" ولكن مرض أم كلثوم الأخير اشتد عليها فلم تغنيها حتى وفاتها، قامت الفنانة وردة بغنائها.

 لبكر أيضا تجربة غناء وحيدة، حينما وقف على خشبة المسرح في حفلة ليلة الوفاء والتي نظمها التلفزيون المصري لإحياء ذكرى وفاة الموسيقار بليغ حمدي، ليقدم بكر نفسه لأول وأخر مرة كمطرب ليعيد غناء أغنية خسارة للفنان عبد الحليم حافظ والتي لحنها بليغ حمدي.

 على كل لون يا موسيقى

 قدم بكر أيضا العديد من الألوان الموسيقية فلحن الاسكتشات ولعل أبرزها اسكتشات مسرحيات " سيدتي الجميلة" لفؤاد المهندس ومسرحية حواديت " لثلاثي أضواء المسرح" والذي قدم لهم العديد من الاسكتشات والمسرحيات منها مثلا اسكتشات فيلم فرقة المرح، ومسرحية موسيقى في الحي الشرقي وغيرها.

وأيضا قدم بكر الموسيقى التصويرية للعديد من الأفلام يصل عددها إلى ما يقرب من 210 فيلم، إضافة لتجربته في تلحين فوازير رمضان بداية من الفوازير التي قدمها ثلاثي أضواء المسرح في الستينات، ثم فوازير نيللي وأشهرها " الخاطبة" والفوازير التي قدمتها الفنانة شيريهان، إضافة لفوازير سمير غانم فطوطة، وصولا لفوازير " فرح فرح" عام 2003 مع غادة عبد الرازق ومدحت صالح.

إضافة للعديد من الأوبريتات الغنائية ولعل أبرزها وأشهرها أوبريت الحلم العربي، والذي جمع العديد من مطربي وفنانين الوطن العربي، كما قدم للتلفزيون ما يقرب من 55 تتر لأعمال درامية، إضافة لموسيقي العديد من المسرحيات والأعمال الإذاعية.