ما فعله العنتيل بالكيوت!

أن تمارس الجنس مرة واحدة كل شهر فحينها لن تكون على ما يرام.
وأن تمارس الجنس اثنتى عشرة مرة فى السنة يتأكد كونك ضعيف جنسيا.
وأن تقوم بتصوير الاثنتي عشرة ممارسة السابقة وتوثقها بكاميرا الفيديو تصبح حينها عنتيلا فحلااً!
وهناك قاعدة شعبية راسخة تتباهى بالقدماء الذين ينجبون العشرات من الأبناء، وتعتقد بامتلاكهم موفور الصحة، فقط لكونهم أنجبوا دون توقف، حتى أنه حينما تأتى سير بعض ملوك الفراعنة الذين أنجبوا عشرات الأبناء من زوجات عدة، تظهر الإيحاءات الدالة على قوتهم الجنسية، والأمر ليس بذات دلالته، فيمكن لمراهق صغير يقضى رغبته فى ممارسة العادة السرية، أن ينجب العشرات، لو توفرت له فى كل مرة شريكة جنسية مختلفة، فسنحصل على نتائج ضخمة بقليل من الصدف!
كما أن العناتيل المحدثين كما علمنا لا ينجبون من شريكاتهم!
تتوالى علينا أخبار ظهور عنتيل جديد هنا وآخر هناك عبر وسائل الإعلام، ورغم ما في تداول كلمة العنتيل على ألسنة المصريين من مدعاة للضحك، تشعر معها بأنهم يتحدثون عن ظهور السلعوة أو انتشار فيرس كورونا، إلا أن العنتلة قد استقرت ورسخت في الأذهان وأصبحت إشكالية اجتماعية وحدثا متكررا يُنتظر ظهوره مرة بعد أخرى، وتعدٍ فى اعتقادي بمثابة تركيز لحالات العلاقات المفتوحة إذا ما اختلت المعادلة وحصل طرف ما على أكثر من شريك، وانتقل إلى محاولة امتلاك شريكات الآخرين، شريطة أن تكون العلاقات موثقة بتصوير مرئى.
والعنتيل أمدك الله بالعافية وموفور الصحة، في معاجم اللغة يغلب الظن أنها مشتقة من مصدر "عُنتل" أي الصلب الشديد، وهنا المعنى يحمل دلالته، ولا يحتاج لتوضيح، وهي أقرب الكلمات لاشتقاق "عنتيل" ويدور بك المعنى فى شروح المعاجم اللغوية، حتى يصل للنقيض بمعان مشتقة من البظر عند المرأة، وينتهى بك فى لسان العرب لابن منظور، إلى كونه يعني فرج المرأة ذاته فى نهاية لا تخلو من مفارقة.
أما العنتيل فى الفن والسينما، فكان اللقب الذي اختاره السيناريست عبد الحي أديب لبطل فيلم "استاكوزا" "عباس العنتيل" من قام بدوره الفنان أحمد زكى، وأثبتته مرافعة الفنان حسن حسين "محامي البطل" أمام قاضي المحكة بعبارته البليغة "انظروا حضرات المستشارين إلى موكلي عباس العنتيل، لم يعد عنتيلا، بل أصبح لا حول ولا قوة له فى عالم الرجال".
العنتيل ليس بالضرورة خارقا في قدراته الجنسية، فلربما كان إنسانا عاديا للغاية فى قدراته، ويفعل ما يفعله على فترات زمنية متباعدة.
وأما العنتيل اصطلاحا من الواقع المعاصر، فهو ذلك الرجل الذى خرق قواعد العشق أيا كان عددها، وقواعد جذب النساء المتعارف عليها عبر التاريخ والخبرات التراكمية والمخيلة الجماعية وأفلام السينما والروايات الأدبية وقصص المراهقين، من حيث الوسامة والأناقة والجاذبية ورقة الأسلوب ودماثة الخلق وخفة الظل وامتلاك المال وعناصر الرفاهية، إلى نقيضها من الغلظة وثقل الظل أحيانا واللحية الكثة والكرش والتدين الرافض للاختلاط فضلا عن الجنس فى أحيان أخرى.
وأثبت ذلك عمليا بتوثيق تجاربه بالصوت والصورة، مخرجا لسانه للتاريخ الإنسانى ككل! بل أن أحد عناتيلنا الأوفياء قد تردد ضمن تفاصيل قضيته أنه كان يتحصل على المال من رفيقاته برضائهن، لا أن يمنحهن هو إياه!
العنتيل ليس بالضرورة خارقا في قدراته الجنسية، فلربما كان إنسانا عاديا للغاية فى قدراته، ويفعل ما يفعله على فترات زمنية متباعدة، فمن مارس الجنس مع خمسين سيدة ولو لمرة واحدة عبر سنوات ثلاث أو أربع يكون معدله بسيط للغاية، لكن صناعة الأسطورة تأتي من خلال توثيق ذلك بالصورة والصوت، وفي تكرار النقل والمشاهدة ما يكفى لحمل صفة العنتلة، فالعنتلة قد لا تعني ممارسة العنتيل الجنس كثيرا، قدر ما تعنى مشاهدة علاقات العنتيل من الكثيرين، وهو ما يحيل الفعل إلى ملحمة استعراضية أسطورية، تهول منها تعليقات العامة وتصورات المجتمع بشأن أمور الجنس بما يصنع منه مادة مرغوبة الحكى متولدة الإدهاش!
لكن العنتيل بالضرورة هو شخص خارق فى فهم وتحليل القواعد المجتمعية، ويعلم كيفية الولوج إلى مستودعات الثقة الخاصة بالنساء وبالرجال فى محيطه الاجتماعى.
فالعنتلة الحقة إن جاز التعبير ليست فى ممارسة الجنس مرات متعددة، لكن في الحصول عى ثقة وإعجاب وتوقير مجتمعي، يجعل من العنتيل محطة التقاء لمن حوله من الرجال والنساء، بما يسهل له الوصول لبغيته، وكلما طالت مدة استكانته وخداعه لمن حوله، رسخت أقدامه فى فضاء العنتلة!
والعنتيل هو ذاك الرجل الذي استغل انشغال منافسه الأكثر تهذبا "الكيوت" فى الاعتناء بتصفيف شعره وتنسيقه، والاعتناء بملابسه وأناقته وانتقاء برفانه مرتفع الثمن واعتناؤه بتوزيع وضع البيرفيوم على مساحات جسده بحسب ما تقول القواعد، وحرصه على رشاقة جسده، وإزالة كرشه البارز بتمارين الجيم المرهقة وغيرها من موجبات المظهر اللائق الموجِِب للجذب الجنسى، ليختصر الطريق ويغير قواعد اللعبة جميعها إلى مسار معاكس تماما، بل ويضرب بما فعله نظيره الكيوت عرض الحائط بما يسبب له الإحباط المؤلم والهزيمة الباترة.
العنتيل لا يعنيه ما يهم الكيوت ويشغل ذهنه، فقد سار العنتيل على عكس قواعد اللعبة المتفق عليها والمستقرة فى الأذهان، بما يُعد طفرة فى هذا المجال، وذلك بحسب ما ظهر من حالات عنتيلية انتشرت صورها إعلاميا وسطرتها محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة العامة.
وبنظرة متأملة لملامح العنتيل السلفي، لن تستطيع أن تثبت أمام فكرة التأمل لشخصه لثوان، فسرعان ما سينقلك ذهنك إلى مقارنة فورية إلى ما يمتلكه هذا الرجل بملامحه الفظة، وبين ذوات أخرى يرعاها أصحابها ويمنحونها من الرعاية والاهتمام الكثير، أكثر مما يمتلكه صديقنا العنتيل بكثير، مما سيصيبك بالإحباط والحسرة وغياب العدالة والبحث وراء مفاهيم ميتافيزيقية وروحانية أخرى. قد تستطيع من خلالها شرح وتفهم قوانين ظهور العنتلة فى بلاد الشرف، ولماذا يستأثر العناتلة بكل تلك الأعداد النسوية، رغم غياب صفات الجذب الأساسية؟ ولماذا تتوارى الرفيقات خلف عنتيل ليس محلا للنظر ولا مثيرا لخوف وغيرة رجال البلدة العنتيلية؟! وكيف يوزع الله العدل بين العباد؟!
الآن قد وضع العنتيل قدميك على أول طريق الفلسفة والتصوف ودراسة اللاهوت الدينى وفلسفة الأخلاق عند نيتشه, ولماذا نقد نيتشه الأخلاق المتوارثة وثار عليها؟ قد لا ترى فى البداية رابطا بين عنتيل السنطة ونيتشه، لكن هذا هو دورك في مجال تطوير الفلسفة الذى ستقوم بتحقيقه، ومن أجله ستشاهد فيديوهات العنتيل بنظرة مختلفة تماما عما يراه بها العامة!
عنتيلنا الأخير قد تردد ضمن ما تردد أنه قام بمواقعة عشرات السيدات، بلغت بعض المواقع الإخبارية بهن إلى 62 سيدة، وحينما يصل الرقم للعشرات فنحن بصدد أكثر من مشكلة، أولها أن العقل الإنسانى يصعب أن يمنح الاهتمام والعناية والتذكر للعشرات ممن يجمعه بهن علاقات حميمية فى توقيت واحد، فضلا عن تذكرهن بالأساس والتمييز بينهن، إلا إذا كـن على مسافات زمنية متباعدة، فكيف لعقل أن يحتمل تذكر اسم كل حالة ويوليها الاهتمام والرعاية ومعرفة مشكلاتها وبيئتها ومحل سكنها وأفراد أسرتها ومتابعة مشكلاتها، وما تستوجبه العلاقات الإنسانية من أسس للتعارف.
والثانى أن فكرة مقابلة الإنسان للعشرات من السيدات أغلبهن من غير محترفات البغاء، تقبلن الذهاب لفراش رجل بعينه في بلدة إقليمية محدودة المساحة والسكان هي فكرة أسطورية، تستدعى تحقق عدة صُدف عظيمة خادمة للحدث، كما أن هذا يعني أن عنتيلنا المبجل، لديه تواصل ومعرفة إنسانية بأضعاف عدد من قبلن الوصول لفراشه، فكي يصل إلى الفراش 60 سيدة، هذا يعني وجوب معرفة عشرة أضعاف هذا الرقم على الأقل بشكل شخصى، إلا إذا كان لعنتيلنا المُعظَم القدرة البالغة للتصويب نحو الساقطات فقط، ولا ينتقى سواهن!
هنا ستضطر لبحث قدرات العقل الإنسانى، والعودة للاهتمام بالحفظ بجوار الفهم، والتوفيق بينهما فى تعليم الصغار، وستتوجه لدراسة كتابات شيخ التربويين الدكتور حامد عمّار.
والشاهد يقول إن الإحباط قد بلغ بالكيوت مقدارا، أن جعل من طموحاته حد اقتناء ومشاهدة إنجازات العنتيل، واستهلاك وقته وطاقته فى خليط من الغيظ والاندهاش والرغبة فى أن يصل لبعض مما بلغه العنتيل من إشباع .. لكن قد يكون سبب هبوط مستوى صفات العناتيل في مصر، هو الهبوط الذي أصاب سائر المجالات، فكثير من مشاهير الفن يقدمون إسفافا هابطا، وكثير من مشاهير السياسة يقدمون بضاعة راكدة أيضا، ولم ينج العناتيل من نفس الفخ، فقد انتقلوا بمستوى محطم قلوب النساء من أناقة الستينيات إلى نموذج عنتيل السنطة .. عنتيل مجتمـع الفياجرا!