التوقيت الإثنين، 09 ديسمبر 2024
التوقيت 02:46 م , بتوقيت القاهرة

حاجة في بلد الـ ولا حاجة

"في بلدنا بيطاردوا الأحلام وبيقتلوها عمدا.. ودمها ينزف يغرق الشوارع والناس تقول مجاري طفحت عادي جداً".


"1980 وانت طالع".. هي مش مجرد عمل فني ومسرحي، مش مجرد شوية ناس اتجمعوا وقرروا يكتبوا حوار ويمثلوه، المسرحية دي حالة وطاقة نور، بتتكلم عني وعنك وعن كل واحد عايش في البلد دي، عن كل واحد فينا بيتعب وبيعافر لحد ما نفسه يتقطع ومتمسك بشوية الأمل اللي لازقين في القعر، بيقاوحوا عشان يوصلوا للي عايزينه، ونفسهم يعيشوا مش يتعايشوا.


في بلد الــ ولاحاجة، وفي وسط كل الظروف اللي بتشدني لتحت، وفي عز الصراعات اليومية، حسيت إني عمالة أجري وبس، بجري عشان ألحق  كرسي في أتوبيس أو 50 سم في عربية السيدات أو ألحق أبعت الـCV في وظيفة محترمة، بجري عشان ألحق أشوف خالو قبل ما يركب الطيارة ويهاجر لسنين، بجري عشان ألحق الحلقة الأخيرة في المسلسل اللي بحبه، وبجري عشان بسيب كل حاجة للحظة الأخيرة.. وبخاف أخسرها.. بجري عشان ماندمش، و في آخر اليوم لما بقعد أرتاح بلاقي إني خسرت حاجات كتير، وساعات مابلحقش حاجة.


أنا شفت نفسي في المسرحية دي، شفت ناس زيي بتجري ومابتلحقش، بتعافر ومجهودها بيروح ع الفاضي، بسأل نفسي كل يوم "أتغير ولا لأ ؟؟ " .. "أحلم ولا ماحلمش ؟" .. "أقول الكدب ولا الصدق؟" .." أغني ولا صوتي حرام؟".. "أضحك ولا الضحك ممنوع ؟" .


مع كل اسكتش بيرسموه وكل مشهد بيعرضوه، بتشوف نفسك وأنت تايه في التعليم ومش عارف تحدد هدفك، وفترة مراهقتك، وحالة التخبط اللي مريت بيها، وخطيبتك اللي سابتك بعد 7 سنين لما يئست أنكوا تتجوزوا..  واللحظة اللي نزلت فيها تحارب الظلم وترفض القهر، واتقهرت ورجعت لنقطة الصفر.. بتشوف الدنيا لما بتقفل في وش واحد صاحبك مش لاقي شغل، بتشوف أختك وهي مش عارفة تتجوز وخايفة تحلم وخايفة تطفي، وواحد قريبك بعد ما اتحبس من غير ذنب قرر  يهاجر ويسيبهالهم مخضرة، وشلة قديمة بينفخوا همومهم  في سجارتين، وعمر بيتسرسب من إيد أخوك في الولاحاجة وفجأة يلاقي نفسه بيحتفل بعيد ميلاده الـ 35.


بتتصدم بالواقع اللي يمكن أنت عارفه كويس وعايشه بس بيصدمك إن حد يصارحك بيه، بتفرح للحظة إنك مش عايش الواقع المظلم ده لوحدك، لأ طلع فيه ناس كتير بتشاركك فيه، شعور إن فيه حد بيصرخلك وبيطلع كل اللي أنت كاتمه جواك، بيريحك.. عينيك هتدمع من كتر الضحك، وهتضحك في وسط العياط.. المسرحية دي هتسيب جواك أثر ومشاعر مختلطة، بس النتيجة اللي هتطلع بيها هي إنك "مبسوط ".


عشان قبل ما تستسلم وتضلم في وشك، هتلاقي طاقة نور ظهرت فجأة  وباب من الأمل بيفتحوه قدامك، بتشوف في عيونهم حماس وإيمان باللي بيعملوه، مصدقين نفسهم وعايزين يعملوا حاجة  بجد، الإصرار في كل كلمة وكل حركة والإتقان بيظهر حتى في أدق التفاصيل ، اعتمدوا بس على قدراتهم الإبداعية وصدق تمثيلهم للواقع  وخشبة مسرح عشان يبنوا قاعدة جماهيرية كبيرة جداً،  ويأثروا في كل حد بيروح وبيتفرج عليهم.


المقال ده مش دعوة للمقارنة ولا هو نقد فني ولا دعوة لنبذ الإسفاف اللي قرب يقضي على حس التذوق عندك، المقال ده مجرد بيشاور على حاجة من الحاجات الحلوة القليلة الباقية في البلد دي.. الحاجات اللي عشانها ممكن تختار إنك تعافر وتكمل وتستمر.. دي دعوة لكل الناس اللي لسة ماشافوش المسرحية، يروحوا ويشوفوها، عشان هتغير فيهم كتير.


انا ممتنة لكل حد قاللي ع المسرحية "لازم تشوفيها" وممتنة لكل الناس اللي شافتها و بتقرر إنها تشوفها تاني و تالت ، و ممتنة لكل واحد مابيبخلش انه يكتب عنها عشان يعرّف الناس بيها ، و ممتنة للشخص اللي خلاني أحضرها ، و ممتنة لكل القائمين على المسرحية و كل الفنانين و بقولهم "أنتوا المستقبل" ، و ممتنة للمؤلف ، و فريق العمل اللي ورا الستارة ، ممتنة لكل شخص مؤمن بنفسه و بيحاول برغم كل الـ ولا حاجة اللي بنعيشه ، يقولنا إنه "لسه فيها حاجة حلوة" .


اقرأ أيضا