التوقيت الجمعة، 28 يونيو 2024
التوقيت 05:04 م , بتوقيت القاهرة

أصوات من السماء..علي محمود ضرير ملأ دنيا التلاوة نورا

"اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها". قيثارات عذبة ندية وأصوات شجية وروحانية، فكانت أصوات من السماء لمقرئين نتذكرهم دائما شوقا واشتياقًا، يوميا وحتى انتهاء شهر رمضان نستعرض فيها حلقات أبرز مقرئي القرآن الكريم في مصر.


امتلك الشيخ علي محمود موهبة فذة في القراءة، وقع عددا كبيرا من الناس في حبه، ليكون بطلا في الجملة الشهيرة:"أجمل ما تسمع الأذن سي عبده إذا غنى يا ليل وعليّ محمود إذا أذّن الفجر وأم كلثوم إذاغنت".


هذا الحب الذي غمر مسيرة الشيخ لم يسلم منه الكتاب والمبدعون، فإسمه أهل في رواية"خان الخليلي"للأديب نجيب محفوظ، كما ظهر في كتاب كمال النجمي"تراث الغناء العربي"، فجمال صوته في آذان الفجر توجه ليكون ملكا وسلطانا لهذه النسمات العطرة قرب كل صباح، كل يوم يؤذن الفجر من مقام مختلف، فيسمع من باب الفتوح الي بوابة المتولي، يمتلك موسيقي تأخذنا برفق الي مدارك العلو في كل تلاوة، ليزيل عنا الهموم.


ولادته


ولد الشيخ علي محمود عام 1878  في درب الحجازي بالجماليّة، وعندما فقد بصره في مرحلة الطفولة، إتجه إلى حفظ القرآن في مكتب الشيخ أبوهاشم الشبراوي الملحق بمسجد الأشرف أينال المعرف بمسجد أم الغلام، ثم أخذ علوم القرآن وأحكام التجويد عن الشيخ مبروك حسنين، تميز الشيخ بقدرته الفذة في الإنشاد، والتي لم تقل مكانا وقدرا عن التلاوة، فسجل عددا من القصائد على إسطوانات شركة أوديوت بصحبه بطانته من الإنشاد، كان أبرزها" خلياني ولوعتي وغرامي"، يغني الشيخ فيها علي طريقة القصائد المغناة


شهرته
احتل صوته شهرة عريضة ليحفر لذاته مدرسة خاصة، توجته ليكون سيد المقرئين وإمام المنشدين، وهو ما جعل الأديب الراحل محمد فهمي يقول عن صوته:"كان الشّيخ علي محمود سيّدَ المنشدين على الذكر، والمغنين للموالد والمدائح النبوية، وكأني بهذا الرجل كان يجمع في أوتار صوته كل آلات الطّرب.. فإذا شاء جرى به في نغمة العود أو الكمان، أو شدا به شدو الكروان.. وقد حباه الله ليناً في الصوت، وامتداداً في النَّفَس».


لم يقف الشيخ عند تلاوة القرآن فقط، ولكنه ذهب لألوان عديدة من ضروب العزف والتلحين وحفظ الموشحات، وخلال رحلته في مساجد الله نمي صوته ،وإمتد الي كل الربوع، وكان من أبرز المساجد التي ساهمت في شهرته مسجد الحسين الذي مثل إنطلاقه كبيره ومعبرا رئيسيا لكل القراء.


إعتماده بالإذاعة المصرية


عام 1939 اعتمدته الإذاعة المصرية ليتلو فاتحة الكتاب والربعين الأول والثاني من سورة «البقرة»، وبلغ زمن تلك التلاوة أربعين دقيقة، واعتمدت الإذاعة منذ ذلك اليوم الشيخ علي محمود قارئاً للقرآن مساء يوم الإثنين من كل أسبوع، لتتوالى  تلاوته بعد ذلك بشكل منتظم، أشتهر الشيخ بقارئ القصر الملكي لحب الملك فاروق لصوته، كما شهد أول تلاوة أمام الملك في حفل عقد قرانه على الملكة فريدة ليفتتح وقائع الحفل بعد عزف السلام الجمهوري


احتل الشيخ علي محمود مكانة خاصة في قلوب عددا كبيرا من القراء، و كان في مقدمتهم القارئ محمد رفعت، الذي تتلمذ علي يديه، وكان من ابرز الشيوخ التي بكت عندما علمت أنه ضرير، بالإضافة لأشهر النوابغ الذين اكتشفهم، من بينهم لشيخ طه الفشني والشيخ كامل يوسف البهتيمي والشيخ محمد الفيومي، وإمام الملحنين الشيخ زكريا أحمد والموسيقار محمد عبدالوهاب، وقد تعلم عليه الكثيرون فنون الموسيقى، ومنهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم وأسمهان.