قواعد المترو الثلاثون
بلغني أيها الملك السعيد ..
المُنتظر منذ زمن بعيد ..
أنهم فتحوا محطة السادات ..
من بعد سنوات و سنوات ..
فأبتهج رجال و إنبسطوا ..
و فرحت كل الستات ..
قد كانت عُمة و بلاء ..
أيام سودا في الشهداء ..
إنه أسبوع الولولوولولوليي ي ي ي فاراااح، لولا رمضان، ولولا الملامة أيضا، لقضيت شهرا على الأقل، من وإلى المهندسين والزمالك اللتان أعشق، واللتان ذُقت في حبهما الأمرين، إذ أنني كنت "بتبهدل" ذهابا وإيابا، مذ غُلقت محطة السادات في وجوهنا قبل سنتين، فأضطر وأنا القادمة من حدائق حلوان، أن أضيف ثلاث محطات إلى ما أقطعه في الخط الأول، وأربعة آخرين في الخط الثاني، لأصل إلى وجهتي، سبع محطات مضروبين في متوسط ثلاث دقائق بين محطة وأخرى، أي 20 دقيقة إضافية في المرة الواحدة، اضرب ذلك في مرتين يوميا، في يومين على الأقل أسبوعيا، وسأنتظر منك رسالة تُفيد بعدد الساعات التي ضاعت هباءً على مدار سنتين.
مُنى الطيبة بداخلي تقنعني بأن اللي فات مات، وأنني عائدة أخيرا إلى محطة السادات التي تركت فيها عشرات الذكريات على مدار سنوات وسنوات، ويبدو لي أنني اقتنعت، وكأي مؤمن لا يود أن يلدغ من نفس الجحر مرتين، قررت أن أعد قائمة بثلاثين قاعدة – شيمة الناس العميقة أصلا على غرار كتاب "قواعد العشق الأربعون"، وبالمناسبة أنا أرشح لك هذا الكتاب و بقوة- وأنشرها هنا، لتعم الفائدة.
(1) إن كانت رحلتكِ قصيرة، وفي وقت بخلاف أوقات الذروة، أنصحكِ دائما بالعربات المخصصة للرجال، حيث تقل نسبة البائعين للنصف، وتنخفض معدلات الثرثرة والرغي، وإن ارتفعت معدلات "البص" في تليفونك، لكن قضا أخف من قضا.
(2) إن كانت رحلة حضرتك محطة واحدة، وفي وقت الذروة، والركاب متكدسين ومقطعين شرايينهم، وعربة السيدات ليس فيها إلا سيدتين، "اهرب إنت يا يس"، ولا تفكر مجرد التفكير من الاقتراب منها، حياتك في خطر.
(3) احرص على حماية رجليك، وتبطينهما إذا كان ذلك ممكنا، بعض الركاب، وإن وصلت أوزانهم لـ 145 كيلو، يستغلون كل مساحة فارغة لجوارك وإن كانت 4 سم للجلوس، لذا وجب التنبيه.
(4) نظارة الشمس تكفل لك الكثير من التسلية، سيمكنك "الفرجة" على أحدث صيحات رسم الحواجب بالأسفلت، وتحديد أكبر علبة سمنة مستخدمة تحت الإيشاربات للخروج بهذا الشكل الـ *&%^&، كما أنها ستوفر لكِ حماية تامة من انعكاسات ألوان الطرح الفسفوري والباديهات الكارينا على عينيك.
(5) لا تناقشي بائعا "خبطك" أو تحرش بكِ حتى أبدا، كل المشاهدات أثبتت أنه في 107% من هذه الحالات تنتهي بأن يسبك البائع، بل و يذكر ذويكِ بسوء، غيري مكانك، واستعيني بالصبر.
(6) الزمن الذي كان الصغار يقومون لكل كبير، عجوز، حامل، انتهى، آه والله زمبقولك كده، فلا داعٍ لإحراج نفسك..
(7) بالمناسبة، لا أحد سيتطوع أبدا بأن "ياخد شنتطتكِ على رجله" حتى و إن كنتِ تحملين شنطة سفر تزن 4 أطنان على ميزان بسكول، ضعيها أرضاً رحمكِ ورحمنا الله.
(8) صحيح أن الصغار لا ولن يتركوا مكانهم لكِ أبدا، ولكنك ملزمة بالقيام لأي سيدة عجوز/حامل، لأنكِ "كده كده" ستقومين مضطرة حين تناديكِ حيزبونة: قومي يا حبيبتي وقعدي الست الكبيرة، لذا فالكاتبة تنصحك، إن جالك الغصب، خديه بجميلة.
(9) في المترو، الجميع لا يستحم، تعود/ي على التأقلم مع ذلك.
(10) بعض الروائح ستنغص عيشتك أيضا، كروائح الكشري، اللب، تأقلم مع ذلك.
(11) إن كنت تستقل المترو من إحدى المناطق القريبة من محطة جامعة حلوان، حاول جاهدا أن تضبط مواعيدك مع مواعيد المحاضرات هناك، إيف يو نوو وات آي ميين.
(12) الهيدفونز .. الهيدفونز .. الهيدفونز.
(13) استكمالا للقاعدة 5، إعلم جيدا أن البائع رجل غلبان جدا وإن ما يفعل "احسن ما نسرق ولا نشحت"، تذكر ذلك ولا داعي لمناقشته فينَ يفعل، دع الخلق للخالق.
(14) حين تمر بك تلك الفتاة الصغيرة، وتعطيك ورقة مفادها أن اسمها فاطمة وأبوها مات في حادثة وبتجري على أخواتها اليتامى، وأمها اللي بتغسل كلى، جرب بعد أن تبتعد عنك بخطوات أن تنادي "فاطمة"، و آدي دقني لو ردت عليك.
(15) تجنب الحديث في أي أمر شخصي مع أي صديق على الهاتف، ذلك يعرض كل أسرارك لأن تكون مشاعا، ويعطي فرصة لاثنين على الأقل من المحيطين بك، لأن ينظروا ويضيفوا لمستهم السحرية.
(16) لا تدخل في أي نقاش سياسي في المترو، النقاشات السياسية في المترو ضارة جدا بالصحة وتسبب الوفاة.
(17) لا تسيء الظن بهؤلاء الخمسة الذين يحتضنوك بشدة، نحن لا نتحرش عزيزي المواطن، وإنما نطبق نظرية التلاحم الجماهيري بحذافيرها لاحتواء الزحام ليس إلا.
(18) إن كنت تقرأ كتابا أو جريدة، احرص على أن تكون وضعيته مناسبة للجالس بجوارك، "لأنه بيبص أكيد يعني" لتعم الفائدة أثابك الله.
(19) على نفس المنوال، استخدم شاشة هاتفك لتوجيه رسائل شديدة اللهجة لذلك المتطفل إن زاد تطفله عن الحد.
(20) الهيدفونز.. الهيدفونز.. الهيدفونز.
(21) استخدام حقيبتك كفاصل بينك وبين الشخص الجالس لجوارك لحماية نفسك من التحرش أو حتى التقارب غير المقصود قد لا يكون حلا أمثل، غالبا سيرمقك بنظرات غاضبة، وقد يشتكي منكِ للرجل بجواره، وأحيانا – و كما حدث مرة أمام عيني- قد يثور ويسألك ليييييييييه يختشي ي ي ي، فاكراني هبصلك إنتي! ابحثي عن حل آخر، أو غيري مكانك.
(22) حفاظا على هاتفك، لا تتحدث في الهاتف إن كنت جالسا بالقرب من الشباك، فولاد الحرام مسابوش لولاد الحلال حاجة.
(23) بمناسبة النصيحة السابقة، "خلي بالك على نفسك عموما"، حين تجلس بالقرب من الشباك، لي صديقة "بصق" عدد من "العيال المتشردين" عليها، بعد أن غادروا القطار على سبيل الـ "روشنة"، ورجل آخر رأيت بعيني كيف أن طفلا قصَ جزءا من شعره قبل ان ينطلق القطار، ناهيك عن قصص كثيرة مشابهة، فانتبه.
(24) حددي موقفك من "جواز الصالونات" قبل ركوب المترو، عشرات الأمهات يبحثن لأبنائهن "اللقطة" على عروسة هناك، آه والله.
(25) على طريقة سواقين الميكروباصات، بعض سائقي المترو يفضلون تحية بعضهم البعض بالأبواق والكلاكسات والزمامير، ليست حادثة، لا تقلق.
(26) بعض الأسئلة في المترو لا معنى لها، كأن تقف في مواجهة الباب في انتظار أن يفتح فيسألك أحدهم، نازل الجاية ؟ تعامل قدر الإمكان، ومتدقش.
(27) ابعد عن محطة العتبة، أكرر، ابعد عن العتبة.
(28) أحدهم سيقول لك بابتسامة سمجة، وطي صوت الأغاني شوية، أنت تستمع في الهيدفون طبعا، لكنه "خايف مثلا لأن الصوت العالي هيبوظ ودانك"، أو قرر أن يقنعك بحرمانية الأغاني، لأجل هذه الأشكال احرص على حفظ رائعة أحمد شوبير، وانت مال أمك إنت إنت مال شكلك إنت مال أهلك إنت مالك إنت، مش مشكلتك إنت خالص، مش حدوتك إنت خالص.
(29) الأطفال أحباب الله، بس مش في المترو خالص.
(30) على الرغم من ذلك كله، يبقى المترو وسيلة المواصلات الأفضل، بعيدا عن زحمة كوبري أكتوبر، والميكروباصات والميني باصات والتوناية –اسمها كده بتهيألي- وجشاعة التاكسيات.
لكن الحلو مبيكلمش، و كذلك المترو ..