التوقيت الأربعاء، 25 ديسمبر 2024
التوقيت 08:36 ص , بتوقيت القاهرة

جوني ديب يدق ناقوس الخطر للموزعين في مصر

فيلم القداس الأسود Black Mass أحد أهم الأفلام المنتظرة خلال عام 2015 في مصر، والسبب الرئيسي لذلك يعود لشعبية نجمه جوني ديب. 


بدأ عرضه في أمريكا 18 سبتمبر، وتم تأجيله هنا إلى 14 اكتوبر. التأجيل في حد ذاته إجراء روتيني يلجأ إليه الموزعون في كل العالم، للحفاظ على مساحات زمنية ثابتة بين الأفلام المهمة، بدلا من حرقها أمام بعضها. أو للحفاظ على اختيارات متنوعة ترضي كل الأذواق بين الأفلام المعروضة في نفس الوقت.


ستلمح هذا بسهولة أثناء وقوفك أمام مجمعات السينما التي تفوق عدد قاعاتها الـ10 قاعات. تشكيلة الأفلام ستتضمن غالبا بانتظام (كارتون أو فيلم أطفال - أكشن - رعب - كوميدي - رومانسي).   



النقطة الأخرى تتعلق باختلاف توقيت التوافد الجماهيري طبقا لكل دولة. على سبيل المثال تنخفض الإيرادات بشدة في رمضان في الدول العربية. مؤخرا في مصر عاد أيضا القانون البائس الخاص بمنع عرض الأفلام الأمريكية في العيد، وهي نقطة تجعل تحديد موعد عرض فيلم مهم قبل العيد بأيام بعد تكثيف دعائي له، ثم وقف العرض، أمرا غير محبذ تجاريا. 


اقرأ أيضا: 7 أسئلة وملاحظات عن منع الفيلم الأمريكي في العيد


رغم هذا للتأجيل أضرار لا تنتهي:
مبدئيا جمهور الأفلام الأمريكية بالأخص، ينتمي أغلبه إلى الطبقة المتوسطة أو الثرية. الأعمار تمتد من سن المراهقة حتى الثلاثين. تعليم جامعي. وهي تركيبة مرتبطة إلى حد كبير بمتابعة يومية منتظمة للإنترنت. 


ارتباط الشريحة المستهدفة بالإنترنت، يجعل عرض أي فيلم في نفس موعده عالميا، قرار أكثر ذكاء. بحيث يصب التكثيف الإعلامي والتسويقي الأجنبي الخاص بالفيلم، في الدعاية له بين جمهوره هنا، خصوصا أن أغلب الموزعين في مصر بدون خطط أو ميزانيات تسويقية فعالة. 



ستلمح نجاح هذه المعادلة حاليا بقوة مع فيلم المخرج ريدلي سكوت The Martian أو المريخي الذي بدأ عرضه في مصر بفارق 5 أيام فقط عن أمريكا.


اقرأ أيضا: ماكجيفر ورسالة حب من هوليوود للعلوم في The Martian


الأخطر من هذا أن الفاصل بين بداية عرض الفيلم الأمريكي عالميا، وموعد توفر نسخ جيدة له على الإنترنت للتحميل غير القانوني، يضيق بمرور الوقت. وهي نقطة تزداد خطورتها في أفلام نهاية العام بالأخص (أكتوبر - نهاية ديسمبر).  


هذه الفترة تشهد موسم الأفلام الثقيلة دراميا، التي تنتظر منها الشركات مشاركة قوية في ترشيحات الجوائز وعلى رأسها الأوسكار. وبسبب هذة الرغبة تُوفر منها نسخ للإرسال إلى المُصوتين، على هيئة أقراص DVD. وهو ما ينتج عنه أحيانا تسريب سريع بجودة عالية على الإنترنت، يعقبه بعد أيام أخرى معدودة ظهور الترجمة العربية للفيلم، لتصبح معادلة المشاهدة كاملة للمتفرج (ومجانا). 


مؤخرا ظهر طوفان نسخ أخرى مُبكرة، لا يعيبها إلا الترجمة المطبوعة على الفيلم بلغات أسيوية. فيلم Black Mass تسربت منه نسخة من هذا النوع في بداية أكتوبر. الآن على نهاية يوم 13 - لحظة كتابة هذه السطور -  تخطت عدد مرات تحميله في حوالي 4 أو 5 مواقع عربية فقط 20 -30 ألف مرة / كل موقع.



الرقم بدون حساب لعدد مرات التحميل من التورنت وبرامج التحميل الأخرى، التي ستفوقه غالبا بمراحل. ولا يعني بالطبع أن كل من قام بتحميل الفيلم كان سيتوجه لمشاهدته في القاعات، خصوصا أن نسبة ما من الرقم تخص جمهور غير مصريّ.  


اقرأ أيضا: حصاد صيف 2015 - الأفلام الـ 5 الأكثر قرصنة


الغالبية عامة في مصر لا تزور السينما إلا نادرا، وعوامل اختيارها لمشاهدة فيلم بتذكرة، مختلفة عن معايير التحميل. لكن ضخامة الرقم ككل، تعكس وبوضوح نسبة لا يستهان بها كانت ستتوجه لشراء تذكرة للمشاهدة، في حالة توفر الفيلم في قاعات السينما مبكرا.


الأسابيع القادمة ستشهد طوفان أفلام متواليا من هوليوود، استعدادا للأوسكار. وستشهد أيضا تواجدا سريعا وشبه فوري للنسخ المُقرصنة الجيدة على الإنترنت. وهي مشكلة عالمية يصعب حلها لكن لابد من التعايش معها.



على الموزعين في مصر والشرق الأوسط التنسيق مع الطرف الأجنبي، لضمان عرض أغلب الأفلام في أقرب فرصة. ثقافة المتفرج هنا تعكس قبول لمعادلة (مُشاهدة أقل جودة لكن أسرع) مقارنة بمناطق أخرى في العالم. وأي محاولات لتغيير هذه الثقافة ستنتهي دون جدوى.


Black Mass سيحقق غالبا إيرادات جيدة في مصر، لكن أيا كانت إيراداته النهائية بعد أسابيع من الآن، فعلى موزعه أن يعلم جيدا أنه خسر مبلغ ما غير هين، عندما قرر أن يعرضه متأخرا بقرابة شهر عن الموعد الأمريكي. وهو التأجيل الذي لم يسانده فيه الإنترنت وقراصنته. التأجيل الذي سيترك الفيلم أيضا دون استفادة تُذكر من الزخم الدعائي الأجنبي خلال الشهر الماضي.


الدرس قاس وأتمنى أن يدركه غالبية الموزعين سريعا، قبل طوفان الأسابيع القادمة. الاختيارات بسيطة ومنطقية. الفيلم المتاح في القاعات وعلى الإنترنت، سينال فرصا أعلى في الإيرادات، مقارنة بالفيلم المتاح أولا على الإنترنت فقط. وما دمت لا تستطيع إلغاء القرصنة، حاول جاهدا أن تحافظ على الجمهور المتحمس لمشاهدة فيلمك على شاشات السينما، بعرضه في أقرب فرصة.


اقرأ أيضا:


Black Mass - قداس العودة لـ جوني ديب؟


 أهم 10 أفلام أمريكية في اكتوبر


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك