الحب روتين!
تقول الأسطورة إن الحب الحقيقي يولد بعد الزواج. وهذه الأسطورة كغيرها تحمل الكثير من الأكاذيب كما تحمل الكثير من الحقيقة. الكذب في الأسطورة هو الربط الشرطي بين الزواج وميلاد الحب الحقيقي، فالحب الحقيقي يُولد بغض النظر عن الإطار القانوني أو الديني للعلاقة، كما أن الزواج أحيانًا يقتل الحب لأن الزواج "عِشرة" والعِشرة السيئة تؤدي لقصة حب مخيفة.
كيف تُكتب قصص الحب الجميلة إذن؟
الإجابة بسيطة، بالعِشرة الحلوة!
العِشرة الحلوة إذن هي حجر الزاوية التي بُنيت عليه أسطورة الحب الذي يُولد بعد الزواج. فإنْ وجدت- بغض النظر عن الإطار الديني والقانوني للعلاقة – كان الحب حقيقيًا. وإن لم تُوجد مات الحب، هكذا ببساطة.
السؤال، العِشرة الحلوة دي تبقى إزاي يعني؟!
ولإجابة السؤال، اسمحا لي عزيزي القارئ وعزيزتي القارئة أن أقدم لكما "حمادة وسوسو". حمادة وسوسو كباقي أبطال قصص الحب، لا يهم كيف التقيا، ولا كيف وصلا لنقطة الرغبة في الآخر. المهم أنهما في حالة حب، أو هكذا يظنا. وأمامها طريقان للاستمرار، سكة السلامة وسكة الندامة لأن الحب "هيروح مايرجعش".
من معالم سكة الندامة أن "حمادة وسوسو" أو أحدهما على الأقل يؤمن بأن الحب يصنع المعجزات. ورغم أن الحب يبدو كمعجزة في حد ذاته مما يجعل الكثير من المستحيلات يبدو ممكنًا، إلا أن هذه المستحيلات لا تتحقق من تلقاء نفسها. يصبح المستحيل ممكنًا بالحب أو بغيره فقط بالمثابرة والعمل الجاد. "يروح الحب ولا يرجعش" إذا ظن المحبون أن الحب وحده يكفي.
ومن معالم سكة الندامة أيضًا أن "حمادة وسوسو" يعتمدان على الرسائل النصية والقليل جدًا من المكالمات الهاتفية للتواصل. "حمادة وسوسو" يعتمدان على التكنولوجيا دون أن يلاحظا أن التكنولوجيا تقتل الحب. التكنولوجيا توفر الاتصال لا التواصل، وتخلق حالة من القرب دون حميمية.
يبتعد "حمادة وسوسو" عن سكة السلامة كلما انشغلا عن اللقاء، وكلما رسما حدودًا للمشاركة، وكلما اعتمد أحدهما على الآخر ليكمل نواقصه. يتوه حمادة وسوسو في سكة الندامة كلما أمسك أحدهما للآخر بدفتر تسجيل النقاط. من بدأ بالحوار، من قام بالاتصال في المرة الأخيرة، من ضحى أكثر ومن عليه أن يعوض الآخر عن مشاعره!
تبدأ سكة السلامة بإدراك كل من "حمادة وسوسو" أن دون رعاية وصيانة "هيروح الحب ولا يرجعش". وأن أول خطوات الرعاية تواصل، والتواصل لقاء منتظم واتصالات مستمرة. "حمادة وسوسو"- في سكة السلامة - دائمًا لديهما جديد يُقال لأن لا حدود لديهما في المشاركة ولا قيود من خوف على التعبير عن النفس.
فسوسو تشكو يومها براحة تامة دون خشية أن يمل حمادة شكواها المكررة. كما يصارح حمادة سوسو بتفاصيل يومه دون أن يحسب حسابًا "لبوزها" وشكها وجرعات النكد. كما أن "حمادة وسوسو" لا يخشيان "الخناق"، ويعلمان يقينًا أن "الخناق" ليس نهاية المطاف بل جزء من حل المشكلات التي تواجههما.
في سكة السلامة يدرك الشريكان أنه لا مفر من الاختلاف، ولكن إدارة الاختلاف هي ما تحدد مصير الحب وشكل العلاقة. وفي سكة السلامة أيضا، يهتم "حمادة وسوسو" بنحن قدر اهتمامهما بـ "أنا". لا يغفل أيهما نفسه ورغباته ولكنّه يضع شريكه ورغباته دائمًا في الحسبان. في سكة السلامة يدرك الشركاء أن العلاقة حالة من التعلم المستمر، أن تعلم عن نفسك وكيف تتغير وتعلم عن شريكك وكيف يتغير وكيف يؤثر تغيركما على العلاقة وكيف يجب أن تتغير للتأقلم مع هذا التغيير.
في سكة السلامة لا مجال للكبر، الاعتذار والغفران طقوس شبه يومية لغسل الضغينة حتى لا تتراكم. كما لا مجال لعدم الاتساق، فكل من حمادة وسوسو يحافظ على عهوده ولا يقول غير ما يعني حقًا ولا يفعل ضد ما يقول.
سكة السلامة هي سكة العِشرة الحلوة، حيث يُثابر الشريكان من أجل الحفاظ على المكالمة الصباحية ورسائل الاطمئنان و"خروجة" أسبوعية والجنس "الجيد" و"المراضية بعد الخناقة".
سكة السلامة هي روتين من تفاصيل صغيرة "مبهجة" دونها يسلك الحب سكة الندامة ويروح ولا يرجعش.